بقلم د.لبيب قمحاوي

مرة أخرى علينا العودة الى الحديث عن مايجري في السعودية وللسعودية نظرا لخطورته على مستقبل المنطقة وعلى مجرى الأحداث فيها وترابطه مع ما سيجري في منطقة الخليج نفسها وفِي منطقة بلاد الشام.فترابط الأحداث لا يعود في الواقع الى ثقل وأهمية الدولة السعودية بقدر ما يعود الى خطورة الدور الذي تقوم به واستعدادها لفعل كل ذلك دون أي إعتبار لتأثيره المدمر على مستقبل العالم العربي. والسعودية بذلك تعود الى ممارسة دورها السلبي التقليدي في التأثير على الأحداث في المنطقة العربية والتلاعب بمقدراتها حتى ولو كان ذلك لحساب وفائدة الآخرين حصرا.
من الواضح ان هنالك ثلاث مناطق سوف تتأثر مباشرة بما يجري الآن وهي : لبنان ومنطقة الخليج وأخيرا السعودية نفسها.
ان افتعال أزمة عدم الأستقرار السياسي وربما الأمني في لبنان تهدف في الواقع الى إعطاء الآخرين المبرر للتدخل في لبنان كخطوة نحو توجيه ضربة للنفوذ الإيراني في المنطقة وربما ايران نفسها اذا كان هنالك قرار إسرائيلي - أمريكي بذلك. إن بدأ المخطط ضد إيران سوف يكون في الغالب من خلال توجيه ضربة الى حزب الله مباشرة أو إلى لبنان بما في ذلك حزب الله. إن محاولات السعودية المستمرة لتأزيم الأوضاع في المنطقة تهدف في اصولها إلى حماية مصالح نظام الحكم السعودي من خلال ضرب ايران ونفوذها في المنطقة، وهي بذلك تلتقي استراتيجيا مع إسرائيل أولا وكذلك مع الولايات المتحدة. وإستعمال الموارد العربية والأرض العربية والأرواح العربية لخدمة ذلك الهدف يبدو أمرا مرعبا نظرا لحجم الدمار المتوقع ولأن عوائد تلك الاستراتيجية ستعود بالفائدة على إسرائيل وأمريكا ومصالحهما وليس العرب.
هنالك التباس واضح وفِي بعض الأحيان مصطنع في فهم العلاقة بين ما يجري في السعودية واستقالة سعد الحريري والتي تشير بأصبع الأتهام بوضوح الى حزب الله وتهديده لحياة الحيرير. وعلى أية حال يبدو أن هنالك لغطا مقصودا من وراء محاولة الإيحاء بأن الموضوع مرتبط بالصراع على السلطة داخل العائلة السعودية الحاكمة. الموضوع بكل بساطة هو اولوية المصالح الشخصية والمادية للحريري على المصلحة الوطنية. فولاء الحريري هو لمصالحه المادية اولا وليس للبنان. وهكذا عندما يتطلب الموضوع خلق الظروف المناسبة لتبرير التدخل الخارجي في لبنان بهدف ضرب حزب الله، فإن ذلك يأتي بالاضافة منسجما مع قناعات الحريري بأن حزب الله هو المسؤول عن اغتيال والده، ناهيك عن ان مصالح الحريري الشخصية وجنسيته السعودية تتطلب الانصياع الكامل لما تريده السعودية وليس لما يريده لبنان مع انه يشغل منصب رئيس حكومة لبنان. ولكن الحريري يعلم، كما يعلم الكثيرون غيره، بأن من وضعه في منصب رئاسة حكومة لبنان هو السعودية والمال السعودي وبغيرهم فإنه لن يستطع أن يطمح حتى بأن يكون وزيرا.
أما المنطقة الثانية فسوف تكون في الخليج وتحديدا في قطر التي ربما ستكون هي الثمن الذي ستقبضه السعودية من خلال سماح أمريكا لها بتغيير نظام الحكم في قطر كمكافئة على دورها في فتح الباب أمام تدمير حزب الله وإيران اذا أمكن.
وأخيرا من الجدير الملاحظة أن أيام النظام السعودي كما نعرفه قد انتهت وأن السعودية مقبلة على مرحلة جديدة لم تتضح معالمها بعد ، وان كان أكثرها وضوحا هو تقسيم السعودية وتقليص الاسلام من خلال العبث بأرض الاسلام المقدسة وتراثها الديني.
وشكرا للسعودية أو ما تبقى منها على كل هذه الكوارث.


* مفكر وسياسي

11/ 11/ 2017