بقلم: د. لبيب قمحاوي

يدور الحديث حول الاجراآت السعودية الأخيرة ومدى مطابقتها للحقيقة والمنطق.
الإجراآت الأخيرة وضعت المملكة السعودية على خط النهاية في سباق مرير على السلطة وعلى مستقبل الدولة السعودية نفسها.
الأمر لم ولن يقتصر على السعودية بل سيأخذ بعده الإقليمي خصوصا بعد ان طلبت السعودية من سعد الحريري ان يتقدم بإستقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية من على منبر العاصمة السعودية الرياض. وهذه الإستقالة والكيفية التي تمت بها تؤكد رغبة السعودية في أن تأخذ خطوة البداية في تنفيذ المخطط الامريكي-السعودي-الاسرائيلي للقضاء على النفوذ الإقليمي الإيراني من خلال القضاء على "حزب الله" وإخراج ايران من سوريا ولبنان بعد ان فشلت السعودية حتى الآن في حسم حرب اليمن لصالحها.

بالإضافة الى دورها الديني فإن قوة السعودية ونفوذها يأتيان تاريخيا من عاملين اثنين:
الأول: الثروة الهائلة التي تملكها السعودية والتي مكنتها من التأثير على العديد من دول المنطقة وشراء ذمم الكثيرين.
الثاني: تماسك العائلة المالكة الحاكمة وغموض العلاقات بين أفرادها وقدرتها على إقناع الشعب بأن هذا التماسك هو أساس إستقرار الدولة السعودية.

تؤكد التطورات الأخيرة ان ما جرى ويجري في السعودية قد عصف بكلا العاملين. فالثروة قد ابتدأت في الضمور التدريجي من خلال سياسات وحروب رعناء لن تكون الحرب على اليمن آخرها. وفِي الوقت نفسه، فإن التنافس على وراثة الحكم قد دفع بالخلاف بين أفراد العائلة المالكة السعودية الى السطح والى العلنية. وارتكبت العائلة الحاكمة الخطأ الأكبر من خلال توجيه اتهامات من الصعب تصديقها عوضا عن الإلتزام بالحقيقة. إذ من الأولى ان يتم إتهام الأمراء والمسؤولين المعتقلين بالمعارضة السياسية عوضا عن اتهامهم بالفساد حصرا وهي صفة قد تنطبق على معظم الأمراء والمسؤولين السعوديين. ان حصر تهمة الفساد بأولئك المعارضين للتغيير الحاصل في ولاية العهد أمر يبعث على السخرية لأنه لو أراد أحد تطبيق أحكام معاقبة الفساد في السعودية لتمت معاقبة الجميع تقريبا معارضين ومؤيدين سواء بسواء.


* مفكر وسياسي

31/ 10/ 2017