بقلم : د. لبيب قمحاوي

ما يجري في القدس وللمسجد الأقصى وما يجري في فلسطين وما يجري في الأردن يعني أن القضية الفلسطينية والفلسطينيون والأردنيون مازالوا بخير. كما يعني أن خصوصية الرابطة بين فلسطين والأردن، والفلسطينيون والأردنيون ما زالت بخير.
إن مايجري في القدس وللمسجد الأقصى على أيدي سلطات الاحتلال الاسرائيلي يتطلب منا ملاحظة ومراعاة مايلي :-

أولاً: لا يضيع أي حق وراءه من يطالب به.

ثانياً: أخطأ محمود عباس عندما سارَعَ لإدانة العملية الفدائية البطولية ضد شرطة الاحتلال الاسرائيلي في المسجد الأقصى ، وهو بالتالي خرج مرة أخرى من الثوب الوطني الفلسطيني ومن إطار ما يجري من أحداث وحفظ موقعه في العمالة لسلطات الاحتلال على حساب مصلحة القضية الفلسطينية .

ثالثاً: نشهد الان احدى الحالات القليلة التي يلتقي فيها الموقف الشعبي الأردني مع الموقف الرسمي الأردني في التصدي لسياسات سلطات الاحتلال الاسرائيلي.

رابعاً: إذا لم تعد الأمور إلى نصابها في المسجد الأقصى ، فإن اسرائيل تكون بذلك قد ضربت عرض الحائط بالولايه الدينية للهاشميين على الأماكن المقدسة ومنها الأقصى حسب اتفاقات وادي عربة ، مما يجعل الأردن حراً في اتخاذ ردود الفعل المناسبة لذلك بما في ذلك طرد السفير الاسرائيلي واغلاق مقر السفارة أو تجميد العمل بإتفاقية وادي عربة للسلام ، وقد تكون هذه هي الفرصة التي ينتظرها العديد من الاردنيين .

خامساً: من المستحيل فرض قيود أو حدود أو"تأشيرة فيزا" على عواطف الاردنيين سواء الوطنية أو الدينية أو كليهما تجاه مايجري في القدس وللمسجد الأقصى ولإخوانهم الفلسطينيين تحت الاحتلال . وما جرى أمس في السفارة الاسرائيلية في عمان يؤكد ذلك بالرغم من المحاولات الرسمية الاردنية والاسرائيلية لإعتبار ذلك حادثاً عرضياً لا أسس سياسية له.

سادساً: المسجد الأقصى أرض فلسطينية تتبع السيادة الوطنية الفلسطينية وهي جزء منها ، كما أنه أحد أهم المقدسات الاسلامية وهو بذلك جزأً من المقدسات الاسلامية التي تمس جميع المسلمين . أزمة اسرائيل إذاً سياسية ودينية في آن واحد ، وهي الأن في مواجهة مع الفلسطينيين والعرب (مسلمين ومسيحيين) من جهة ، ومع المسلمين في العالم من جهة أخرى . وهنا يجب التأكيد أن الصفة الدينية لا تغني عن السيادة السياسية . فالأقصى هو أرض فلسطينية أولاً وأخيراً والمسجد الأقصى هو مقدس اسلامي لكل المسلمين.

سابعاً: وِحْدِة شعب فلسطين في مواجهة الاحتلال أصبحت الآن حقيقة لا يرقى اليها أي شك، وعلى اسرائيل البدء في التعامل مع هذه الحقيقة سواء شاءت أم أبت . ويجب مقاومة أي جهود لتمزيق وحدة الشعب الفلسطيني حتى لو كانت تلك الجهود على ايدي فلسطينية ملطخة بالعمالة.

ثامناً: الأرضية مازالت غير جاهزة لانتفاضة ثالثة نظراً لجهود السلطة الفلسطينية في اعتقال أو قتل أي فلسطيني يختار مسار الكفاح والنضال ضد الاحتلال أو تبليغ السلطات الاسرائيلية عنه أو عنهم تحت ستار "التنسيق الأمني" المشؤوم الذي حول السلطة الفلسطينية إلى جهاز أمني اسرائيلي .

تاسعاً: إن عنجهية الاحتلال الاسرائيلي وضعف الموقف العربي قد تؤدي لمزيد من الغضب الفلسطيني وبالتالي لانضاج الظروف الموضوعية اللازمة لإنطلاق الانتفاضة الفلسطينية الثالثة.

وأخيراً يبقى الحق حقاً لكل من يطالب به ويسعى إليه.



* مفكر وسياسي

24/ 7/ 2017